2 – العرض
كان مكان اللقاء عبارة عن فيلا تبعد عن لندن بضع كيلومترات ، عندما دخل الشاب و الفتاة الفيلا ، إلتقاهما رجلان فتشه أحدهما و تكلم الأخر بجهاز اللاسلكي الذي في يده قائلا :
- إنهم هنا ...
رد عليه صوت غليظ من اللاسلكي :
- أدخلهما
دخلا غرفة مكتب أنيقة ، حيث يجلس على كرسي المكتب رجل في العقد الرابع من عمره ، وما أن شادهما دخلا حتى وقف بابتسامة عريضة ومد يده قائلا :
- سيد " آزم زيدان " لقد أسعدني حضورك ، تفضل
وأشار له على كرسي فجلس " آزم " على الكرسي دون أن يتكلم ، و جلست أمامه الفتاة و جلس الرجل على الكرسي الرئيسي ، قائلا :
"
- ماذا نقدم لك ؟؟
- شكرا لا أحتاج لشيء
- حسنا كما تريد ، و أنت يا " سارة " أتشربين شيئا ؟؟
- لا شكرا
- حسنا ، حسنا .
قالها و فتح ملفا على المكتب و أخد يقرأ منه بصوت عالي :
- " آزم زيدان " ، الجنسية ليبي ، العمر 23 ، تدرس الهندسة الإلكترونية في جامعة ( كامبردج ) ، لك 3 سنوات في لندن أليس كذلك ؟؟
رد " آزم " بابتسامة خبيثة :
- أكثر أو أقل
أكمل الرجل من الملف :
- ذكي ، موهوب ، تعمل في شركة ( ..... ) للإلكترونات ، هوايتك " البوكر " ، لكنك لا تلعب على الطاولات ذو المبالغ الكبيرة ، هل أستطيع أن أعرف لماذا ؟؟
رد بلا مبالاة :
- معتقدات دينية
أكمل الرجل قائلا :
- نريد أن نستخدم ذكائك ،
- أريد 200 ألف باوند في الشهر
تفاجأ الرجل قائلا :
- هذا مبلغ كبير
فابتسم الشاب ابتسامة غامضة وقال :
- و الذي تطلبونه كبير .
ووقف مردفا و هو يدور في أرجاء المكتب :
- أنتم أناس غير عاديين ، استطعتم أن تتعقبوني عن طريق هاتفي كما أعتقد ، أليس كذلك ؟؟ ، و من ثم استطعتم أن تحصلوا على ملفي الشخصي ، ونظرا لأني أجنبي فليس من السهل وضع يديكم عليه .
وقف في إحدى زوايا الحجرة ، ثم التفت و أكمل حديثه :
- المعنى هو أنكم تملكون المال و النفوذ و القوة
في هذه اللحظة وقف أمام باب داخلي في الحجرة ، قائلا :
- هل أستطيع أن أستعمل الحمام
ودون أن يسمع ردا فتح الباب الذي أمامه ووجد سيدة في الأربعين تقريبا أنيقة تجلس أما شاشة تلفزيون فقال " آزم " بابتسامته الغامضة :
- عجبا ، انه ليس الحمام
فابتسمت السيدة بدورها قائلة :
- لقد تأخرت قليلا
- لقد أخرتني محاضرة الرجل عن تاريخ حياتي .
اتسعت ابتسامة السيدة ووقفت خارجة من الحجرة ، فأفسح لها " آزم " الطريق قائلا :
- لم أعتقد أني سأجد سيدة كـ"رئيس" لهذه المنظمة ، لكن لم يجبني أحد ما هو عمل هذه المنضمة ؟؟
ردت عليها السيدة و هي تشعل سيجارة :
- ماذا تعرف عن الإنتربول ؟؟
- ما يعرفه الجميع
- نحن قسم خاص في اللإنتربول نعمل بشكل سري
ثم ابتسمت و أضافت :
- أي أنه لا مجال لإعطائك ال200 ألف باوند في الشهر ، فنحن لسنا منظمة أجرامية كما ترى
ضحك " آزم " وقال :
- لست طماعا لهذه الدرجة ، كل ما كنت أريده هو رد فعل الرئيس المزيف
ابتسمت السيدة و قالت :
- يبدو أن لديك موهبة عظيمة في اكتشاف التزييف
- أنتم الذين لديكم قدرات محدودة في التزييف ، فلقد نسيتي كأس الشراب الخاص بك على طاولة المكتب .
قالت " سارة " :
- وكيف عرفت أنه لها
رد " آزم " :
- انه في زاوية الطاولة و بعيد عن يد الرئيس المزيف ، أي انه كان وقفا في تلك الجهة شخص ما ، كما أنه يوجد نوعين من السجائر في منفضة السجائر .
قالت السيدة بابتسامة إعجاب :
- جيد يا " آزم " ، عندما قدمت سارة تقرير العملية السابقة و ذكرتك في التقرير عرفت لست عاديا ، فليس هناك الكثير من الأشخاص في هذا العالم الذين يرون المسدسات و يجلسون في هدوء ، كما أنك صاحب عقل استنتاجي ، وهذه عملة أكثر ندرا ، لهذا نريد أن نستخدم ذكائك ، فما رأيك ؟؟
قال " آزم " بجدية :
- الحقيقة أني لست من الأشخاص الذين تعتقدين ، كل ما أريده هو حياة عادية ، ليس لي مصلحة في العمل لدى الانتربول ، كما أن لديكم الكثير من أصحاب الخبرة من هم أفضل مني
ردت السيدة و ابتسامتها لم تفارقها :
- إذا كل ما تريده من الحياة هو أن تعمل في شركة عادية ، و أن تحصل على زوجة محبة و أطفال ، إنها حياة جيدة ، ولكن هل هذا حقا ما تريده
سكتت قليلا ثم قالت بجدية :
- معنا ستحصل على 20 ألف جنيه إسترليني شهريا ، ستوضع لك في حساب في سويسرا ، ستبيت في أفضل فنادق العالم ، سندربك أفضل تدريب في العالم ، سنكون ورائك في كل خطوة لنجعل منك عميل انتربول ممتاز ، معنا ستحارب الجريمة ، ستنقذ ألاف من الأبرياء ، ستحارب الإرهاب
قال " آزم " بسخرية :
- إرهاب تقولين ؟؟ ، أليس هذه الكلمة أخذت أكبر من حقها في الآونة الأخيرة
ثم أضاف بجدية :
- لحد الآن لم تعرضي علي شيئا يغريني
ردت بابتسامة خبيثة :
- بل عرضت .
و أضافت و ابتسامتها تتسع :
- حياة المغامرة ، إنك تحب المغامرة ، والمنافسة ، صدقني ستجد في هذا العمل الكثير من التحديات
- ومن قال لك إني أحب هذه الأشياء
- لست أنت الوحيد الذي يملك الفراسة
سكتت قليلا ثم أخرجت من معطفها ورقة و أعتطها له قائلة :
- خذ مهلة للتفكير في الأمر و عندما تصل إلى قرار ، كلمني على هذا الرقم ، وصدقني لن تندم إذا قبلت عرضي لك
أخد منها الورقة و دسها في جيبه و نظر إلى " سارة " قائلا :
- أعتقد أننا انتهينا ، هل أستطيع الحصول على توصيلة للجامعة ؟؟
ردت " سارة " :
- بالتأكيد
وعندما خرجا قالت الرئيسة للرجل :
- هل تعتقد أنه سيوافق
قال الرجل و في شفتيه ابتسامة إعجاب :
- بل متأكد ، أنه ليس شخصا عاديا ، وسيكون إضافة كبيرة لفريقنا في هذه المهمة بالذات ، لكن أرجو أن يوافق بسرعة ، فنحن نحتاج إليه .
في هذه الأثناء كان " سارة " و " آزم " يخرجان من الفيلا ووقف " آزم " فجأة قائلا :
- لقد نسيت شيئا ، انتظريني قليلا
وعاد إلى المكتب و فتح الباب و قال للرجل بابتسامة خبيثة :
- بالمناسبة ، أنا أعرف أنك أنت الرئيس الحقيقي ..
وخرج و أقفل الباب تاركا المرأة في صدمة أما الرجل فقد قال :
- أرأيت ، أنه فتى رائع
سألت المرأة :
- كيف عرف ؟؟
- لقد عرف بذكائه أن الأمر مفتعل ، كما أنه لاحظ نظرات " سارة " ، ولاحظ أيضا اهتمامي الزائد في متابعة الحوار الذي بينكما
ثم فتح ملف " آزم " , وكأنما يريد أن يعرفه أكثر و قال :
- أرجو أن يوافق بسرعة
***********
كان " آزم " خارجا من محاضرة له في طريقه للذهاب إلى عمله حينما وجد " سارة " تقف أمام سيارتها في مكان إيقاف السيارات في الجامعة
- يبدو أنك اشتقت إلي بسرعة ، لم يمض يومان منذ أخر لقاء
هكذا قال " آزم " بسخرية ، و ضحكت " سارة " قائلتا :
- لا تغرق في غرورك ، جئت أدعوك للعشاء ، و أجيب عن أسئلتك إذا كنت تريد أن تعرف شيئا عنا
- في الحقيقة لدي بعض الأسئلة
- حسنا ، لنلتقي الساعة الثامنة في مطعم (.......) ، ارتدي بدلة
- هل أبدو لك كشخص يرتدي البدل ؟؟
وقالت وهي تركب سيارتها :
- الساعة الثامنة ، لا تتأخر
وانطلقت بسيارتها ، وقال" آزم " و كأنما يكلم نفسه :
- تبا لماذا لم أطلب منها إيصالي للعمل
عندما أتت الساعة الثامنة دخل " آزم " المطعم يرتدي بدلة يبدو فيها وسيما على غير عادته ، ووجد سارة جالسة تنتظره على طاولة صغيرة معدة لشخصين ، وعندما رأته قالت :
- أنت متأخر
- أسف لم يكن الحصول على بذلة سهلا ، ما رأيك ، هل أبدو وسيما ؟؟
ابتسمت وقالت :
- بعض الشيء
عندها أتى النادل و قدم لهما قائمة الطعام ، واختارا منها ما يريدان و عندما ذهب قالت " سارة " :
- الآن اسألني ما تريد معرفته ، الرئيس أوصاني أن أجاوب على أي سؤال مهما كانت المعلومات سرية ، ولكن على قدر الحاجة طبعا .
- طبعا ، طبعا ، السؤال يكون في عالم المخابرات على قدر الحاجة ، أعرف هذه المعلومة ، لكن هل عالم الإنتربول هو نفسه عالم المخابرات ؟؟
- الحقيقة هما عالمان مختلفان نسبيا ، فالمخابرات تعمل في الخفاء ، أما اللإنتربول فهم يهملون علنا ، ويقتصر العمل على جمع الحقائق و المعلومات ، فليس من صلاحيات الإنتربول إلقاء القبض على المجرمين ، لكن ...
- لكن ماذا ؟؟؟
- لكننا لسنا فريق إنتربول عادي
- ماذا تقصدين ؟؟
- نحن فريق سري للغاية ، نعمل في الخفاء أيضا و مهمتنا جمع المعلومات الخطيرة ، أو المعلومات الصعب الوصول إليها ، وليس هذا فقط ، و مهمتنا أيضا أن نمنع وقوع العمليات الخطيرة كالاغتيالات و الانفجارات و تهريب الأسلحة وما إلى ذلك .
- فهمت ، بمعنى أصح أنتم فريق مخابرات دولية
- صحيح
- لنفرض أني بدأت العمل معكم ، ماذا سيحدث في حياتي الحالية ، وماذا سأقول لعائلتي و أصدقائي ؟؟
- طبعا عملك سيكون معنا سري للغاية ، فلسنا كالأنتربول العادي ، أي أنه لا يمكن أن تقول لأحد أنك تعمل معنا ، أما عن حياتك العادية فأتركها لنا ، سنقوم بإيجاد عذر مناسب و منطقي
عندها أتى النادل بالطعام و وعندما ذهب قالت " سارة " :
- أهناك أي سؤال أخر
- نعم سؤال واحد فقط
ثم أبتسم وقال :
- أجمالك هذا طبيعي ، أم من صنع المخابرات ؟؟
ضحكت " سارة " و قالت :
- طبيعي 100%
بعد قليل بدأ " آزم " و " سارة " يتحدثان حديثا طبيعيا كأي صديقين على العشاء و عندما انتهى العشاء و هما خارجان من المطعم قال " آزم " :
- أخبري الرئيس بأني سأعمل معكم ، مع السلامة
وتركها و في قلبه نشوة غامرة ، وكأنه أحس بالمغامرة التي هو داخل إليها
تعليقان على { العالم السفلي .. 2 .. العرض }
14 يونيو 2011 في 10:26 ص [حذف]
شكرا لك المدونة رائعة وجميلة واتمنى لك مزيد من النجاح ...
16 مارس 2012 في 3:54 ص [حذف]
رائع .. أرجوا أن تقوم باكمال القصة ^^
والحمد لله على سلامتك // ومبارك النصر :)
هل تريد التعليق على التدوينة ؟